
تعتز مدونة اثلام ايما اعتزاز بتفردها بنشر هذا النص الجديد للشاعر العراقي المبدع احمد الشيخ علي الذي خص المدونة بنصه الرائع تكرما منه وهي اذ تقدم لقرائها الكرام نصوص المبدعين العراقيين باعتزاز تتمنى على الكل التواصل معها من اجل تعريف القاريء العربي بالتجربة العراقية الاصيلة والحقيقية بعيدا عن الضجيج الاعلامي وتشويهه للصورة الابداعية تعمدا او جهلا
بفتور ... .......................................... أحمد الشيخ علي
ليس غريبا
أن تجد في تراب الأصيص
ضحكة منسيّة تلمع،
في ظلّ الشجيرة الفتيّة الغافية عند النافذة.
ليس غريبا
أن تجد وجهك مفروكا بالستارة المنشورة في الهواء والضوء
اللذين تبوح بهما النافذة التي تركتها مشرعة .
ليس غريبا أبدا
أن تسمع العصفور في اللوحة المعلّقة على جدار غرفتك
يغني عن الحب والمطر والقطار الحزين.
* * *
اليوم؛ مرّ بك الشتاء،
الأطفال بمعاطفهم الثقيلة،
عربة الإطفاء بأجراسها التي لا تصدأ،
حبيبتك التي لم تعرفها بعد،
وجارتك العجوز التي لاينتهي حديثها لأبنائها الموتى ..
جارتك العجوز التفتت نحوك
وحيّتك على غير عادتها،
ثم مضت في طريقها
محدثة أبناءها الذين ماتوا جميعا.
* * *
ساعة المحطة القريبة من بيتك لاتني مهيبة بالصمت،
وسكة القطار تلوذ بمقبرة قديمة
وتنعطف عليها أشواكها..
نافذتك ..
محطمة
أحلامك
على زجاجها الغبيش
نافذتك غريبة ومشرعة على العالم
نافذتك وحيدة الآن،
الرصاصة وحيدة هي الأخرى
تلك التي أخذتك من النافذة بعيدا
وأطاحت بضحكتك المندهشة
أطاحت بها في الأصيص القريب من النافذة
* * *
أعوام كثيرة مضت ، وشتاءات،
الأطفال كبروا ..
وحبيبتك التي لم تعرفها أبدا صار لها أطفال وكبروا أيضا،
حبيبتك التي لم تعرفها أبدا .. مات أبناؤها في الحرب
لكنها مازالت تحدّثهم عن كلّ شيء،
عن كلّ شيء سواك.
كلّ شيء بدا قديما،
العصفور والستارة والهواء والضوء...
الشجيرة وحدها مازالت غافية عند النافذة
وترابها مازال نديّا
وثمة ضحكتك تلمع بفتور .
تشكل تجربة الشاعر احمد الشيخ علي تفردا متعمدا في اهمال التزيين الشعري سعيا وراء تكريس المعنى فشعرية النص لديه تعتمد شعرية المعنى وصولا الى فاعلية الشعر وهو بهذا يحقق ما يصبو اليه من التواصل مع قارئه كأنه يأخذ بيده الى عوالمه الخاصة قائلا له هذا هو جوهر الشعر .
ردحذفتحياتي لك احمد الشيخ علي
محيي الدين الجابري
19 - 7 - 2009